فصل: وأما أن أمته خير الأمم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وخرج البخاري ومسلم من حديث إبراهيم بن سعد قال: حدثنا سعد عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لقد رأيت يوم أحد عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعن يساره رجلين عليها ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد. وذكره البخاري في المغازي، وخرجاه من حديث مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل، لم يقل البخاري: يعني جبريل وميكائيل، ذكره البخاري في كتاب اللباس.
وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح قال: قال مجاهد: لم تقاتل الملائكة يومئذ ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر، قال البيهقي: إنما أراد أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به.
وحدث الواقدي عن شيوخه في قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ من الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ من فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ من الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} 3: 124- 125، قال: فلم يصبروا فانكشفوا فلم يمدوا.
وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود عن عروة بن الزبير قال: وكان الله عزّ وجلّ وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، وكان قد فعل، فلما عصوا أمر الرسول وتركوا مصافهم، وتركت الرماة عهد الرسول إليهم أن لا يبرحوا منازلهم، وأرادوا الدنيا رفع عنهم مدد الملائكة، وأنزل الله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} 3: 152، فصدق الله وعده وأراهم الفتح، فلما عصوا الرسول أعقبهم البلاء.
وقال ابن هشام: مسوّمين: معلّمين، بلغنا عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال: أعلموا أذناب خيلهم ونواصيها بصوف أبيض.
وذكر يونس بن بكير عن عبد الله بن عون عن عمير بن إسحاق قال: لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وسعد يرمي بين يديه، وفتى ينبل له، كلما ذهبت نبله أتاه بها قال: ارم أبا إسحاق، فلما فرغوا نظروا من الشاب فلم يروه ولم يعرف.
ورواه الواقدي عن عبيدة بنت نائل عن عائشة بنت سعد عن أبيها سعد بن أبي وقاص قال: لقد رأيتني أرمي بالسهم يومئذ فيرده عليّ رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه، حتى كان بعد فظننت أنه ملك.
وقال الواقدي: حدثني الزبير بن سعيد عن عبد الله العضل قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلّم مصعب بن عمير اللواء، فقيل: فأخذه ملك في صورة مصعب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لمصعب في آخر النهار: يا مصعب، فالتفت إليه الملك فقال: لست بمصعب، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه ملك أيّد به. وسمعت أبا معشر يقول مثل ذلك.
وحدثني عبد الملك بن سليم عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير قال: لما رجعت قريش من أحد جعلوا يتحدثون في أنديتهم بما ظفروا ويقولون: لم نر الخيل البلق ولا الرجال البيض الذين كنا نراهم يوم بدر، قال عبيد بن عمير: ولم تقاتل الملائكة يوم أحد.
وحدثني ابن أبي سبرة عن عبد الحميد بن سهيل، عن عمر بن الحكم قال: لم يمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم أحد بملك واحد، وإنما كانوا يوم بدر.
وحدثني ابن خديج عن عمرو بن دينار عن عكرمة مثله.
وحدثني معمر بن راشد عن أبي لحيح عن مجاهد قال: حضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل.
وحدثني سفيان بن سعيد عن عبد الله بن عثمان عن مجاهد قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
وحدثني ابن أبي سبرة عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قد وعدهم الله أن يمدهم لو صبروا، فلما انكشفوا لم تقاتل الملائكة يومئذ.
وحدثني سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض، عن جدته- وهي مولاة جويرية- قالت: سمعت جويرية بنت الحارث تقول: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به، قالت: فكنت أرى من الخيل والناس والسلاح ما لا أصف من الكثرة، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجعنا، جعلت انظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى، فعرفت أنه رعب من الله يلقيه في قلوب المشركين، فكان رجل منهم قد أسلم فحسن إسلامه يقول: لقد كنا نرى رجالا بيضا على خيل بلق ما كنا نراهم قبل ولا بعد.
وقال ابن إسحاق: حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أنه حدّث: أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله، فأتوه وقد تقطعت أوصالهم، فقال: ويلكم! ما شأنكم؟ فقالوا: أتانا رجال بيض على خيل بلق، فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد يعني في يوم حنين.
وخرج بقي بن مخلد من حديث النضر بن شميل قال: أخبرنا عوف عن عبد الرحمن مولى أم برثن صاحب السبقاية- سقاية المربد- قال: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يقوموا لنا حلب شاة أن كشفناهم، قال: فبينما نحن نسوقهم في آثارهم فإذ صاحب البغلة البيضاء، قال: فتلقّانا عنده رجال بيض الوجوه وقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا، قال: فانهزمنا من قولهم، وركبوا أجيادنا فكانت إياها.
وذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار عن من حدثه عن جبير بن مطعم قال: إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم حنين والناس يقتتلون، إذ نظرت إلى مثل البجاد الأسود يهوي من السماء حتى وقع بيننا وبين القوم، فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة.
وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن علي عن سعيد بن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه عن جده قال: لما تراءينا نحن والقوم، رأينا سوادا لم نر مثله قط كثرة، وإنما ذلك السواد نعم، فحملوا النساء عليه، قال: فأقبل مثله الظّلّة السوداء من السماء حتى أظلت علينا وعليهم وسترت الأفق، فنظرت فإذا وادي حنين يسيل بالنمل- نمل أسود مبثوث- لم أشك أنه نصر أيدنا الله به فهزمهم الله عزّ وجلّ.
وحدثني ابن أبي سبرة، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن يحيى ابن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شيوخ من قومه من الأنصار قال: رأينا يومئذ كالبجد الأسود هوت من السماء ركاما، فنظرنا فإذا نمل مبثوث، فإن كنا لننفضه عن ثيابنا، فكان نصر أيدنا الله به.
وكان سيما الملائكة يوم حنين عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم، وكان الرعب الّذي قذف الله في قلوب المشركين يوم حنين، فكان يزيد بن عامر السوائي يحدث وكان حضر يومئذ فسئل عن الرعب فكان يأخذ الحصاة يرمي بها في الطست فيطن، فقال: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.
وكان مالك بن أوس بن الحدثان يقول: حدثني عدّة من قومي شهدوا ذلك اليوم يقولون: لقد رمى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بتلك الكف من الحصا، فما منا أحد إلا يشكو القذى في عينه، وقد كنا نجد في صدورنا خفقانا كوقع الحصا في الطساس، ما يهدأ ذلك الخفقان عنا، ولقد رأينا يومئذ رجالا بيضا على خيل بلق، عليهم عمائم حمر، أرخوها بين أكتافهم بين السماء والأرض، كتائب كتائب، ما يلقون شيئا، وما نستطيع أن نتأملهم من الرعب منهم.

.وأما أنه خاتم الأنبياء:

فقد قال الله تعالى: {وَلكِنْ رَسُولَ الله وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} 33: 40، قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: {خاتَمَ النَّبِيِّينَ} 33: 40: الّذي ختم النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة، واختلفت القراء في قراءة قوله: {وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} 33: 40، فقرأ ذلك الأمصار سوى الحسن وعاصم بكسر التاء من خاتم النبيين، بمعنى أنه ختم النبيين، ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: {ولكنّ نبينا ختم النبيين} فذلك دليل على صحة قراءة من قرأه بكسر التاء، بمعنى أنه الّذي ختم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم. وقرأ ذلك فيما يذكر الحسن وعاصم {وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} 33: 40 بفتح التاء، بمعنى أنه آخر النبيين، كما قرأ: {مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ} 83: 25- 26 بمعنى آخره مسك، من قرأ ذلك كذلك.
وخرج البخاري ومسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا- وقال البخاري: بيتا- فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» ولم يذكر البخاري قوله: من زواياه. ولمسلم من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله، فجعل الناس يطيفون به ويقولون: ما رأينا بنيانا أحسن من هذا، إلا هذه اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة». وله من حديث عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فذكر أحاديث منها، قال: وقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلّم: «ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأجملها وأكملها إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون: ألا وضعت ها هنا لبنة فيتم بنيانك؟ فقال محمد صلى الله عليه وسلّم: فكنت أنا اللبنة». وخرج البخاري ومسلم من حديث سليم بن حيان قال: حدثنا سعيد ابن مينا عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها- وقال البخاري فأكملها وأحسنها- إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: لولا موضع اللبنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء». انتهى حديث البخاري عند قوله: إلا موضع اللبنة. وترجم عليه وعلى حديث إسماعيل بن جعفر: باب خاتم الأنبياء. وخرج الإمام أحمد من حديث زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة! فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة». ولمسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ختم بي النبيون». وله من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» انفرد بإخراجه مسلم.
وله من حديث محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لعلي رضي الله عنه: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
وخرج البخاري من حديث شبعة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج إلى تبوك واستخلف عليا رضي الله عنه فقال: أتخلفني في النساء والصبيان؟ قال: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي؟». وخرجه مسلم وأبو داود مثله سواء. وفي لفظ لمسلم: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليا بن أبي طالب في غزاة تبوك فقال: يا رسول الله! أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟».
وخرجه النسائي بإسناده ومتنه. وفي لفظ لمسلم والترمذي والنسائي: «أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟».

.وأما أن أمته خير الأمم:

قال الله جل ذكره: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [3: 110].
خرج الحاكم من حديث سفيان عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 3: 110، تجروهم بالسلاسل فتدخلونهم الإسلام. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وشهدوا بدرا والحديبيّة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من فعل فعلهم كان مثلهم، وقيل: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلّم، يعني الصالحين منهم وأهل الفضل، وهم الشهداء على الناس يوم القيامة.
وقال مجاهد: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 3: 110 على الشرائط المذكورة في الآية، وقيل معناه: كنتم في اللوح المحفوظ، وقيل: كنتم مذ أنتم خير أمة، وقيل: جاء ذلك لتقدم البشارة بالنبيّ صلى الله عليه وسلّم وأمته، فالمعنى: كنتم عند من تقدمكم من أهل الكتب خير أمة.
وقال الأخفش: أي خير أهل دين، وقيل: خلقتهم ووجدتهم خير أمة، وقيل: أنتم خير أمة، وقيل: كنتم للناس خير أمة.
وقيل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} 3: 110 إذا أنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.
وقيل: إنما صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلّم خير أمة لأن المسلمين منهم أكثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى، وقيل: هذا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم كما قال صلى الله عليه وسلّم: «خير الناس قرني» أي الذين بعث فيهم.
وقال الحافظ أبو نعيم: ومن إكرام الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم، أن فضل أمته.
على سائر الأمم، كما فضله على سائر الأنبياء، وكما أنه فاتح نبيه صلى الله عليه وسلّم بالعطية قبل المسألة، كذلك أعطى أمته أفضل العطية قبل المسألة إعظاما له وإكراما.
وخرج الحاكم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 3: 110، قال: أنتم متمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
ومن حديث يزيد بن هارون عن سعيد بن إياس الجريريّ عن حكيم بن معاوية عن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أنتم توفون سبعين أمة، أنتم أكرمهم على الله وأفضلهم».
وخرج أبو نعيم من حديث محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن عمرو بن عبسة قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلّم عن قوله: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا} 28: 46، ما كان النداء؟ وما كانت الرحمة؟ قال: «كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام، وستمائة عام على وزن عرشه، ثم نادى: يا أمة محمد، سبقت رحمتي غضبي، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، فمن لقيني منهم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبدي ورسولي أدخلته الجنة». وله من حديث أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد الواقدي، قال: حدثنا سفيان ابن عيينة عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: في قوله تعالى: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا} 28: 46، قال: نودوا يا أمة محمد، ما دعوتمونا إذ استجبنا لكم، ولا سألتمونا إذ أعطيناكم. ومن حديث حمزة الزيات عن الأعمش عن علي بن مدرك عن أبي زرعة ابن عمرو بن جرير عن أبي هريرة في قوله: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا} 28: 46، قال: نودي يا أمة محمد، أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني.